كان يا ما كان، بلبنان اللي كان، عاليه ما كانت بس محطة بالصيف، كانت عروس الجبل ومقصد الأغنيا والمشاهير. وما في شي بيعكس هالأيام أكتر من فندق الجبيلي الكبير، أو متل ما صاروا يسموا بعدين “غراند عاليه”. هيدا الفندق ما كان مجرد مبنى، كان عنوان الفخامة والرفاهية، وأحلى ذكريات الزمن الجميل.
القصة بلشت سنة 1926، لما تلات إخوة من عيلة تجارية بيروتية قرروا يبنوا أول فندق فخم بعاليه. استعانوا بالمهندس الإيطالي الشهير بيندو مانهم، اللي كان معروف بتصاميمو الملوكية، وعمل تحفة معمارية بتطل ع بيروت والجبل، متل لوحة مرسومة بالإيد. خلال وقت قصير، صار المكان حديث الناس، وصاروا الأغنيا والوجها يقضوا صيفياتن في.
القطار اللي كان يوصل عاليه ببيروت زاد من شهرة الفندق، والناس كانوا بيجوا من كل المناطق، من لبنان ومن براتو. وكانوا يلتقوا هون، رؤسا، أمرا، فنانين، وشعرا، وكل شخص حابب يجرب طعمة الحياة الأرستقراطية.
تخايلوا، أم كلثوم بنفسها غنت فيه أول حفلة إلها بلبنان سنة 1931، ومحمد عبد الوهاب صور في مشاهد من فيلم “دموع الحب”. حتى أمير الشعراء أحمد شوقي والأخطل الصغير كانوا من زوارو الدائمين!
Credits: cityofaley
بس متل كل شي حلو، المجد ما ب ضاين، وإجت الحرب العالمية التانية لتغير مصير الفندق. بال 1940، الجيش البريطاني استولى عليه وحولو لمقر قيادة واتصالات. بعدين، لما قوات الحلفا غزت لبنان وسوريا، صار الفندق قاعدة عسكرية لقائد العمليات الأسترالي. ما عاد في سهرات، ولا حفلات، ولا زوار، وصارت غرفو الفخمة مكاتب للجيش.
بعد الحرب، حاول الفندق يستعيد مجدو، ورجع فتح بوابو، بس الأوضاع تغيرت، والمنافسة زادت، وعاليه ما عاد إلها نفس البريق. السنين مرقت، والفندق صار جزء من ذكريات كبار العمر، وصور بالأبيض والأسود بتظهر إيامو الحلوة. بطل مفتوح، بس إسمو بعدو محفور بذاكرة المدينة، وكل زاوية بعاليه بعدها بتحكي عنو.
Credits: cityofaley
اليوم، إذا مرقتوا من عاليه وسألتوا عن غراند عاليه، الكل رح يخبركن قصص عنو، عن العز اللي كان، عن الليالي والنجوم، وعن الزمن اللي راح وما بيرجع.
يمكن المباني بتنهدم، ويمكن الناس بتروح وبتجي، بس الأماكن اللي جمعت ضحكات العالم وسهراتهن، بتضل محفورة بالذاكرة، متل الحلم اللي ما مننسا. هيك كان غراند عاليه… وما في شي بيشبهو اليوم!
Credits: cityofaley
اليوم، الفندق بعدو لكنّ ما بقي منو إلا ذكريات بقلوب كبار المدينة، والفنادق الجديدة أخدت مكانو. بس الفنادق كلها بتشكي من نفس المشكلة: قلة الزوار وقصر الموسم السياحي. يعني، لبنان الحلو اللي كان مقصد الكل، اليوم عم بيعاني.
Credits: cityofaley