إذا فكرتوا شي نهار بالدهب الأبيض، يمكن أول فكرة بتجي عبالكن هيي المناجم أو المعادن الغالية، بس الحقيقة الدهب الأبيض يلي رح نحكيلكن عنو مختلف! هيدا التعبير بيحكي عن شغلة بسيطة لكنها أساسية بحياتنا: الملح.
وبلدة أنفه بالشمال اللبناني هيي القلب النابض لهالحرفة يلي صارت جزء من هويتها على مدى سنين طويلة. ملح أنفه مش أي ملح، هوي من الأفضل بالعالم، ويعتبر من أنقى وأفخم الأنواع يلي بتتميز بلون أبيض ناصع متل التلج.
أنفه صارت عاصمة الملح اللبناني بفضل ملاحاتها المنتشرة على شاطئها الطويل يلي بيوصل لطول خمسة كيلومترات. إنتاج الملح بهيدي البلدة بيرجع لإيام جدودنا الفينيقيين، واستمر هالتقليد لليوم، بمعدل إنتاج وصل لحديت 35 ألف طن بالسنة وقت كانت حاجة لبنان للملح حوالي 50 ألف طن بالسنة! وإذا سألتوا ليش ملح أنفه مميز، الجواب بسيط: بتم استخراجو من البحر مباشرة من دون أي عملية تكرير، على عكس أنواع الملح التانية يلي مصدرها مستنقعات ترابية.
هالمهنة التراثية، رغم جمالها، منا سهلة وكتير متعبة. بين العمل الشاق وساعات طويلة تحت الشمس، وحتى المخاطر يلي واجهوها العمال. تاريخ أنفه بيحكي عن “شهدا الملح”، يلي توفو وهني وعم يشتغلوا، في يلي أخدن البحر أو وقع علين الدواب، واختفو. قصة الملح بأنفه فيها تضحيات ومش بالسهولة بقيت ملاحات أنفه ميات السنين.
أنفه مش بس بتشتهر بالملح، هيي بلدة مليانة جمال طبيعي وكنوز إضافية. فيها أكبر غابة زيتون على الساحل اللبناني، ومزروعة بشكل بيأمن أفضل نوع زيتون. والسمك يلي بتشوفوا عالشط كمان جزء من وجود الملاحات، لأنو السمك والزيتون بحاجة للملح. يعني، الملح هون هوي الأساس بكل شي! وأصلاً ليش في شي أكلة بتتاكل بلا ملح؟ لهيك نحنا منقلو الدهب الأبيض لأن قيمتو أغلى من الدهب.
لحديت اليوم، بعدها ملاحات أنفه عم بتشتغل بنفس الطرق التقليدية يلي كانت معتمدة زمان. استعمال الرفش اليدوي، وطرق قديمة للصناعة، بتخلي المنتج مش بس طبيعي، بل بيحافظ على هويتو التراثية. وهالشي صار نادر بالعالم مع تطور التكنولوجيا، ولهيدا السبب أنفه بقيت وجهة مميزة لكل حدا بدو يعيش تجربة لبنانية أصيلة. ولهيك ملح أنفه غير عن كل الملح الموجود بالعالم.
بالسنين الأخيرة، أنفه صارت وجهة سياحية بامتياز. بين الموتيلات وبيوت الضيافة المنتشرة، والبحورة والمنتجعات والمطاعم، الناس صاروا يلقبوا أنفه بي “سانتوريني لبنان”. المراوح الزرقا والصور يلي بتنعكس على الشاطئ خلت المكان أيقونة للجمال الطبيعي والهدوء.
مي وشط أنفه من أنقى الشواطئ بلبنان، وجودة ملحها صارت معروفة عالمياً. الملاحات الموجودة هون بتنتج ملح وصل لكل بلاد العالم بسبب نقاوتو وطعمتو الفريدة. وهالدهب الأبيض ساهم بجعل أنفه من أغنى بلدات الكورة تاريخياً، مش بس اقتصادياِ، بل كمان اجتماعياً وثقافياً.