بيروت كانت غير. قبل كل هالتطور، قبل البناء الجديد والعجقة، كان في أماكن بتجمع الناس عن جد. ما في إنستغرام، ما في فيسبوك، بس في قعدة، كاسة قهوة، وناس بتحب تحكي وتسمع. وحدة من هالمحلات؟ قهوة القزاز، أو متل ما كانوا يسموها “قهوة الأجاز، أبو النصر”.
القزاز ما كانت بس قهوة. كانت قلب ساحة البرج. تأسست بآخر القرن التاسع عشر، وصمدت لتوصل لسنة 1972. وكانت قاعدة عالزاوية، بين الكاراجات والصيفي، مطرح ما كل واحد بيقطع.
كانوا يجوا عليها من كل ميل. إبن بيروت، إبن الجبل، واللي نازل عالسوق. حتى اللي ناطر البوسطة، بيقعد يشرب فنجان وبفل. هيك كانت تنحكى القصص، وهيك كانت تبلش نهارات الناس.
القعدة فيها غير شكل. بتفوت، بتشم ريحة قهوة محمصة، بتسمع ضحك، ونقاش عن السياسة، وعن الحب، وعن الشعر. مثقفين، كتاب، تجار، وناس عاديين، كلن كانوا يقعدوا جنب بعض.
ما في طاولة ما صار عليها حديث مهم. ما في كرسي ما حضنت سر. كانوا يحكوا عن الصحف، عن الأدب، عن البلد، عن الحرب، ويمكن عن حلم ضايع. هيك كانت بيروت. وهيك كانت قهوة القزاز.
والحلو بالقصة؟ إنو القهوة كانت كأنها موعد. إذا ما لقيت صاحبك بالمحل، بتعرف إنو ناطر هون. ما في تليفون، بس في إتفاق غير معلن: “يلا منلتقي عالقزاز”.
بس متل كل شي حلو، الحرب غيرت كل شي. بسنة 1972 سكرت القهوة، وراحت معا سنين من الذكريات. راحت القعدة، وراح الضحك، بس بقي الاسم. بقي الأثر.
قهوة القزاز اليوم ما بقى موجودة، بس صورتها بعدا محفورة. بعيون كل حدا عاش أيامها، وبذاكرة مدينة كانت تعرف كيف تحب، وكيف تحكي، وكيف تعيش. هيدي بيروت، وهيك كانت.