عيترون، ضيعة من الجنوب ما بتشبه غيرها. قاعدة بجبال بنت جبيل، وأقرب لكونها لوحة مليانة بالحكايات والأسرار. هالضيعة اللي إسمها جايي من السرياني بمعنى “البيوت المرتفعة”، هيي قصة تراث وتاريخ؛ من أرضها الخصبة لشوارعها، وهي فعلاً ضيعة بتطلّ على كل شي حواليها وكأنها بتحضن التاريخ والتراب.
عيترون مش بس ضيعة، هيي فصل من حكاية الجنوب. حدودها القديمة كانت توصل للمالكية وصلحا بفلسطين. شباب عيترون كانوا يشتغلوا بحيفا وأماكن بفلسطين قبل الـ1948، والحدود كانت مفتوحة بلا سياج، وولاد الضيعة كانوا يزوروا بساتين التفاح والدراق اللي أراضيها إلها قصص مع أجدادن وأملاكن.
أهل عيترون بيجمعن حب الأرض والتراب، وعدد المسجلين بالضيعة حوالي 18 ألف شخص. بس كتار منن مغتربين ببلاد بعيدة متل أستراليا وكندا وألمانيا، وبيحملوا معن حب الضيعة وين ما راحوا. عيترون مشهورة بأهلها اللي بالخير والشر بيوقفوا حد بعض، وترابها أغلى من الدهب بعيونهن.
Credits: Aytaroun Bil Alb
الضيعة مرقت عليها زلازل ومحن كتيرة. في حكاية بتقول إنو من حوالي 300 سنة مرق شخص غريب على عيترون وتركها، ولما رجع بعد ٣ شهور، لقاها مدمرة بهزة قوية، ومن هون صاروا أهلها يسموها “عثرون” بمعنى بلدة تعثرت بس رجعت قامت. ما كانت الزلازل أول ولا آخر تحدي مرق على الضيعة؛ حتى بالـ1956 و1966، الأرض اهتزت والسيول نزلت من جبل الكحيل وخلت الضيعة تتذكر إنو الصمود مش خيار، بل نمط حياة.
بعهد العثمانيي، عاشوا أهل عيترون سفربرلك. الأتراك فرضوا على شباب الضيعة التجنيد الإجباري، واللي كان يدفع 10 ليرات دهب يزمط من الخدمة. ومع هيك، أهل الضيعة بقيوا محافظين على تراثهن، وكأن الصمود صار جزء من هوية الضيعة.
إذا في شي بيميز الضيعة، فهوي التبغ، رمزها وعنوانها. الأرض بتحتوي شتلات التبغ بطريقة استثنائية، وأهلها صاروا ملوك هالصناعة بلبنان كلو. ورغم المنافسة مع ضيعة رميش، إلا إنو التبغ بيبقى جزء من روح عيترون وشريان حياتها.
اليوم، عيترون عايشة تحت القصف، وكلنا منتأمل يرجع السلام لهالأرض، وتعمر شوارع الضيعة بأهلها وناسها ويرجعوا يزرعوا الأرض من جديد.